الأحد، 28 يوليو 2019

الوردة السوداء / بقلم الأديب محمد موفق العبيدي

الوردة السوداء

إن لغة الورد...هي احدى اللغات التي اخترعها البشر ليستطيع أن يتواصل الانسان مع الطرف الاخر...مهما كان هذا الانسان، واختاروا لكل مناسبة لون أو نوع...

فرقوا بين الورود التي تقدم في المناسبات الرسمية أو الورود التي تقدم في المناسبات الخاصة ولهذا نرى كثيرة هي الورود وكثيرة الوانها.....

ولكن رغم كل متابعاتي لأنواع المناسبات التي عشتها معكِ... وأنواع الورود التي قدمتها لكِ... ظهرت هناك فجوة كبيرة في مشاعري...

ذلك عندما أوقفتني الحياة لتعلن خبر مغادرتكِ الدنيا...!!

في زمن تكلل بالسواد وأظلمت فيه شمس دواخلي...ووجدتني أقف على طريق الذكريات..

متسولا من الحاضر ذلك الماضي الذي كنتِ فيه تميمة لأيامي...لم أستطع أن أستوعب أنكِ رحلتِ...!!

هل حقا ستسكتين الى الابد وأنا الذي أتصور أن البلابل لاتملك الا صدى تغاريدكِ...ماذا أفعل بعدكِ...؟

لقد أخذتِ معك ِكل شيئ ولم تتركي لي شيئا...لقد توقف الزمن في داخلي ولم أفكر إلا بظلال اطيافكِ على ايامي وكيف ستبدو هذه الايام بعدكِ...

لقد انتحر الزمن في أيامي فباتت الايام حيارى....فكيف سيكون حساب الايام في زمن منتحر.

كثيرا من الاصدقاء جاؤا لمواساتي ...ليرمموا بعض مابقي من حطام القلب...

قالوا لي: ان الايام كفيلة بإصلاح كل شيئ...قلت لهم كيف تستطيع الايام التي انتحر زمنها أن تصلح شيئا...

إن الايام هي التي تحتاج الى من يرمم حطامها ويعيد الحياة لزمنها وهذا مستحيل فأميرة الايام قد غادرت عرشها وعبث الدود المتوحش بأجزاء جسدها...

لم يبقى منها الا روحها التي تغسل عذاباتي يوميا عندما أحس بأنها تتواجد في داخلي.

بحثت عن رسول لهذه الروح... يبلغها مدى حزني واشتياقي لها والى دفء قلبها... ولأني اعرف حبها للورود والى مفردات لغة الورد... فلقد قرأت كل مفردات لغة الورد بكل الوانه...

عبثا حاولت فكل الورد بكل انواعه والوانه قد دخل لغة الحياة، والحب، والعتب، ولم اجد من الورد مادخل لغة الموت... حتى يكون اللغة التي يرسلها الاحياء الى ارواح الاموات...

وأخيراً وأنا اتصفح الشبكة العنكبوتية لفت انتباهي بحثا حول الورود السوداء وحول ندرتها في الطبيعة والتي كانت نتيجة تطور بعض الابحاث على انواع معينة من الورود ....

لقد أراح نفسي أن اجد اللغة التي ستكون رسولي اليها فحصلت على الورود السوداء...زرعتها في كل اركان المكان الذي كان يضم حبنا ووضعت وردة سوداء اخيرة في حلقة الزواج التي خط عليها اسمها....

إن وجود الورود السوداء يعلن عن اختراع لغة جديدة للورد...

تمثل رسل كل النهايات الحزينة للقلوب التي طعنها الموت ومزق بالفراق فؤادها ...فحزن القلب وحزن الروح لايستطيع ان يبلغ من الصدق اكثر من ان ترعى ورودا سوداء في ركن مهجور من أركان بيت الذكرى...

لتذكركَ هذه الورود برسائل الاحزان...

التي يرسلها المجهول في كل لحظة الى قلبكَ المفجوع...

لتكون هي لغتك المقبلة مع الاميرة الراحلة والتي اوقف ايامها... انتحار الازمان عن دقائقها ستكون اخر الورود السوداء الذابلة هي اخر رسول لها مني يبلغها بموعد لقائي القادم معها... في فضاءات الكون الصافي......

محمد موفق العبيدي /  العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق