الشمس لا تغطى بغربال " ابو عبدالله محمد الثاني عشر رجل ظلمه التاريخ "
________ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 17-7-2019
أبو عبد الله محمد الثاني عشر (1460 - 1527) هو محمد بن علي بن سعد بن علي بن يوسف المستغني بالله بن محمد بن يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف. من بني نصر أو بني الأحمر المنحدرة من قبيلة الخزرج القحطانية ، حكم مملكة غرناطة في الأندلس فترتين بين عامي (1482 - 1483) وعامي (1486 - 1492). وهو آخر ملوك الأندلس المسلمين الملقب بـ:الغالب بالله. استسلم لفرديناند وإيزابيلا يوم 2 يناير 1492. وسماه الإسبان el chico (أي الصغير) وBoabdil (أبو عبديل)، بينما سماه أهل غرناطة الزغابي (أي المشؤوم أو التعيس). وهو ابن أبو الحسن علي بن سعد، الذي خلعه من الحكم وطرده من البلاد عام 1482، وذلك لرفض الوالد دفع الجزية لـفرناندو الثاني ملك أراغون كما كان يفعل ملوك غرناطة السابقين.
انتشرت في الكتب المهتمة بتاريخ الأندلس قصة (زفرة العربي الأخيرة) و التي تزعم أن ملك غرناطة المسلم أبو عبد الله (رحمه الله) لمّا سلّم مفاتيح آخر دولة إسلامية للملكين الكاثوليكيين سنة 1492م ثمّ همّ مغادرا تلك المدينة رفقة عائلته و حاشيته , صعد ربوة تطلّ على غرناطة و حمرائها ثم زفر زفرة ألم و تحسّر على ضياع ملكه و انقراض دولة الإسلام بالأندلس على يديه. و حسب نفس القصة فإن أمّه لمّا رأته في هذه الحالة خاطبته بكلمات قاسية و قالت تلك الجملة الشهيرة التي انتشرت انتشارا واسعا و أصبحت ملاصقة لصورة أبي عبد الله في الأذهان: ( ابك كالنساء ملكا لم تدافع عنه كالرجال).
قليلة هي المعطيات التي وصلتنا بقلم عربي عن نهاية أبي عبد الله وعن سقوط غرناطة بشكل عام، فقد سطّرت كُتِبَ تاريخ نهاية مملكة بني نصر عادة بأقلام مسيحية انطلقت عادةً من فرضية أيديولوجية واضحة ألا وهي: الكتابة نُصرةً لوحدة الأراضي الكاثوليكية وتمجيدًا لنهاية الحملة الصليبية ضد الإسلام. هذا بالإضافة إلى جهل الكثير من كتاب تلك الفترة أصلًا بلغة العربي المهزوم وثقافتها، وهذان سببان رئيسيان يفسران كيف شُوهت بعض التفاصيل، وكيف حيكت الكثير من الأساطير حول أحداث وهمية لم تحدث قط.
انعكس حدث سقوط غرناطة على السكان المسيحيين انعكاسًا إيجابيًا، بعكس العالم الإسلامي الذي استقبل أمرًا مريعًا ومحزنًا خاصة بسبب الوثاق الديني والثقافي واللغوي الذي يربطه بمسلمي الأندلس. فقد العرب والمسلمون حضارة ازدهرت لقرون، سواء على المستوى الاقتصادي، أم السياسي، أم العلمي وغيره.
من هنا يمكن فهم كيف أن أحداثًا صادمة مثل: فقدان مملكة الأندلس التي ازدهرت لقرون، ونفي ملكها وحلفائه،وعدم وفاء المنتصرين بالمعاهدة المتفق عليها بين ملك غرناطة والملكين الكاثوليكيين، وأيضًا عمليات طرد الموريسكيين والتضييق على المدجنين والشتات الموريسكي بشمال إفريقيا؛ كل ذلك أدى إلى عدم الاكتراث بالتدوين. إذ اهتم فقط قلة من المؤرخين العرب البارزين بالتطرق للأمر إذ واجهوا مهمة شاقة وثقيلة بسرد أحداث كارثية مأساوية عنيفة مُريعة مؤلمة صادمة.
من أبرز المؤرخين الذين تناولوا سقوط غرناطة الإمام الفقيه، الأصولي، المحدث والأديب «أحمد المقري» (1578-1631م) وهو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد المقري التلمساني القرشي المالكي الأشعري الذي جمع أغلب الوثائق المتوفرة حول الأندلس في ذلك الوقت ليكتب رائعتيه في التاريخ والأدب الأندلسي وهما:
الأولى: «نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب»، ويعد أحد أقدم الكتب الأندلسية ظهورًا للنور، وهو موسوعة تاريخية مهمة في دراسة التاريخ والأدب والجغرافيا الخاصة بالأندلس، وقد اعتمد المقري في كتابه على مصادر لم يصلنا منها سوى القليل كالمغرب لابن سعيد، ومطمح الأنفس لابن خاقان، والمطمح الكبير.
الثاني « أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض» موسوعة ضخمة، تقع في خمسة مجلدات. اتبع المقري فيها طريقة القدماء في تقديم مادة متنوعة وشاملة، ورغم أن هدفه كان تقديم معرفة بشخصية «القاضي عياض» فقد ألمّ بكثير من شؤون بلاد الأندلس، وأحوال المسلمين في عصر الجلاء عنها. قيد في كتابه هذا الكثير من مشاهداته، وأخبار تنقلاته في البلاد. وامتاز باحتفاظه بطائفة كبيرة من الأخبار والنصوص المغربية والأندلسية، التي لم ترد في نفح الطيب، ولا غيره من الكتب، وإنما بادت أصولها، أو هي لا تزال سرًا مطويًا في خزائن الكتب.
من خان غرناطة حقًا.. «أبو عبد الله» أم إيزابيلا وفرديناند؟
هناك عدة روايات مسيحية قديمة «قشتالية، فرنسية، إيطالية…» مختلفة ومتناقضة حول كيف وأين ومتى سلم الملك «أبو عبد الله» -آخر ملوك الأندلس- مفاتيح غرناطة للملكين الكاثوليكيين. تؤكد بعض الروايات -التي تعد على الأرجح غير صحيحة- أن أبا عبد الله لقي الملكين الكاثوليكيين عند نهر شنيل، حيث نزل من فرسه وانحنى لتقبيل يد فرديناند، الذي رفض منح يده من باب الإعراب عن الرضا. ثم سلمه مفاتيح المدينة.
كذَّب بعض المؤرخين هذه الرواية وروايات أخرى مشابهة، من بينهم «بيسكادور ديل أُويو» إثر العثور على وثيقة غير منشورة في الأرشيف التاريخي الوطني لمدينة بلد الوليد. الوثيقة عبارة عن رسالة مبعوثة إلى أسقف ليون من شاهد عيان على أحداث تسليم غرناطة، مؤرخة في الثامن من يناير 1492م، يشرح فيها أن تسليم غرناطة تم الليلة التي سبقت التاريخ الرسمي، بشكل مُغلق غير مُعلن، في صالة قمارش بالحمراء إثر استقبال أبي عبد الله بعثة سرية تفاديًا لأي «شغب» محتمل.
أما الروايات الأخرى فربما لا تكون -على الأرجح- سوى حلقات تاريخية زائفة كُتِبَت بقلم المنتصر. إذ إن المنطق يخبرنا أنه من المستبعد أن يكون أبا عبد الله ضعيفًا وهشًا بهذا الشكل. فلو كان كذلك لما استمرت الحرب 10 سنوات كاملة حكم فيها مملكة غرناطة في الأندلس فترتين بين عامي (1482- 1483م) و(1486- 1492م).
من بين الكُتَّاب المسلمين من يرى أن استسلام أبي عبد الله لم يكن حتميًا، وإنما كان خيانة للإسلام ولغرناطة، ولكن، لو تفكّرنا في وجهة النظر الأخرى، فكيف يخون من حارب لسنوات طويلة وإن أدرك أن التفوق القتالي مسيحي وليس إسلاميًا بالمرة؟ كيف يخون من حارب وحيدًا في غياب كل مدد خارجي؟ هل يمكن اعتبار التسليم خيانة حتمًا وقد تعرض رعاياه للجوع في حصار دام ثمانية أشهر؟ ربما تكون تلك النظرة التي تتهم أبا عبد الله بالخيانة وبالتقاعس عن الجهاد ليست سوى نظرة قاصرة فقيرة للمنطق، إذ لربما كان تسليم غرناطة أحفظ لدماء المسلمين؛ إذ جنبهم الدخول في معارك «دونكيشية» خاسرة لا محالة.
ربما فَضَّلَ «أبو عبد الله» إذن إمضاء معاهدة تسليم تحفظ للمسلمين دينهم وأموالهم وأملاكهم، بدلًا من مواصلة مقاومة لن تُجدي نفعًا ولن تُهدِر سوى مزيد من الأرواح. وُقِعت «معاهدة غرناطة» أو «معاهدة تسليم غرناطة» بين مملكة غرناطة ومملكة قشتالة بتاريخ 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1491م. التزم السلطان وتابعوه من خلالها بالاستسلام للملكين الكاثوليكيين كما التزم الأخيران وأقسما بضمان السلامة الشخصية والمادية لأبي عبد الله ولأسرته ومعاونيه.
كما سمحت المعاهدة لمسلمي غرناطة بممارسة الشعائر الإسلامية والاحتكام إلى الشريعة الإسلامية، وفي حالة أي احتكاك أو خصام ضد المسيحيين، يتمتع الطرفان المتخاصمان بحق الاحتكام لقرار هيئة قضاة من الديانتين، ولتسهيل الحياة العامة بغرناطة، تقيد الملكان بإنشاء مجلس إسلامي للمدينة مكون من 21 عضوًا محليًّا، من بينهم فقهاء، وكُتَّاب عدل، ومترجم وعدد من «الأمناء» الذين يمثلون مختلف المهن المتداولة بالمملكة.
بالرغم من كل هذه البنود، هاجر الكثير من ممثلي نخبة القطاع الاقتصادي للمجتمع الغرناطي. لم يكن المستقبل واضحًا. لا أمان، لا اطمئنان ولا راحة في الوضع الجديد. سهلت قشتالة خروجهم. فقد كانت هجرة الأقلية المُسيِرة أمرًا مستحبًا بالنسبة للمنتصرين، إذ إن رحيلهم ضمن بشكل كبير تفكك المجتمع الغرناطي.
ضمنت المعاهدة السلام لفترة وجيزة، ولكن سرعان ما اخترقت؛ إذ تلاشت روح التسامح والتساهل فتدهور حال المسلمين. تراجعت ساكنة غرناطة تراجعًا واضحًا بسبب الحرب والهجرة، كما اشتدت عمليات الاستيطان المسيحي للمملكة، وبدأت عمليات التنصير الإجباري باتباع طرق قاسية، واتضح أن الخضوع القشتالي للمعاهدة لم يكن سوى حيلة سياسية لاستلام غرناطة بأقصى سرعة وإنهاء حرب أهدرت الكثير من الأموال والدماء. بالنسبة للمنتصر، لا يمكن اعتبار الاحتلال احتلالًا وثيقًا إلا إذا ما تم غرس الوجود القشتالي في المجتمع الغرناطي على كل المستويات.
في الثاني من يناير (كانون الثاني) 1492م، كان العالم على موعد مع سقوط غرناطة وحاكمها أبو عبد الله، آخر ملوك الأندلس المسلمين، بعد حكم امتد مئات السنين. تندرج أحداث سقوط الأندلس ضمن سلسلة من الحلقات المتداخلة والمعقدة، ويمكن القول إن تاريخ سقوط الأندلس أكثر تعقيدًا بكثير من مرويات البكائيات والأساطير والحكايا، وأكثر تعقيدًا من تفسيرات الخطاب الوعظي التاريخي السطحية التي تعزو كل هزيمة إلى الفساد الأخلاقي والانصراف للبذخ والترف واللهو والموسيقى. إن إطلالة عميقة على تاريخ الأندلس تؤكد أن كل هذه الخصائص لم توجد فقط في زمن الهزائم العسكرية، وإنما وجدت أيضًا في زمن العزة والقوة والتقدم والمجد.
كان قدر آخر ملوك الأندلس «أبي عبد الله محمد الثاني عشر» أن يكون المفاوض على نهاية الحكم الإسلامي بشبه الجزيرة الأيبيرية، أمام هيبة عسكرية متصاعدة لملوك مسيحيين أدركوا جيدًا أن سقوط غرناطة سيشكل النواة التي سيطوف حولها العالم السياسي الغرب.
يعد «أبو عبد الله محمد الثاني عشر» (1460- 1527م) آخر ملوك غرناطة وكذلك آخر ملوك الأندلس المسلمين، لقّب بالغالب بالله، وآخر ملوك بني نصر أو بني الأحمر. حكم مملكة غرناطة في الأندلس فترتين بين عامي (1482- 1483م) وعامي (1486 – 1492م). إلى أن استسلم لفرديناند وإيزابيلا يوم الثاني من يناير 1492م. سماه الإسبان «el chico» أي الصغير، و«Boabdil» أبو عبديل؛ بينما سماه أهل غرناطة الزغابي «أي المشؤوم أو التعيس».
دامت «حرب سقوط غرناطة» 10 سنوات بين عامي 1482 و1492، شهدت استعمالًا فعّالًا للمدفعيةِ مِن قِبل القوات المسيحية أمام تخلف غرناطي في هذا الجانب. كتب المؤرخ «ويستون كوك. جى آر»: واصفًا المعركة: «إن قوة النار الناتجة عن البارود وعمليات الحصار التي استخدمت فيها المدفعية هى التي أدت إلى الانتصار في حرب غرناطة، أما العوامل الأخرى في النصر الإسبانى فقد كانت عوامل ثانوية».
حاصر الملكان المسيحيان، إيزابيلا ملكة قشتالة وليون وزوجها فرديناند الثاني ملك أراغون، غرناطة في 30 أبريل (نيسان) 1491 حصارًا شديدًا دام ثمانية أشهر، فأتلفا الحقول المجاورة، ووقفا أمام وصول أي مدد خارجي من المغرب الأقصى إلى أن تناول السكان الفئران. سادت حالة من الفوضى بين مسؤولي غرناطة، كما سُجِلَت حالات خيانات ورِشَا لصالح قشتالة. إلى أن انتهى الحكم الإسلامي لغرناطة بتسليم الأمير «أبي عبد الله» إمارةَ غرناطة ومدينتها وقصر الحمراء، وما زال الإسبان يحتفلون كل عام بهذا التاريخ أمام تنديد جمعيات حقوقية بإقليم أندلوسيا التي تعتبر الاحتفال تهميشًا لمرحلة تاريخية مهمة وترسيخًا لنظرة عدائية ضد عنصر ثقافي ليس سوى أحد مكونات الهوية الأندلسية المعاصرة.
لكن، من كان «أبو عبد الله» في الحقيقة؟ هل كان ذلك الملك الضعيف والمحارب المتخاذل والبَكَّاء الكئيب الذي أُقحِم اسمه في التاريخ من أبشع أبوابه؟ هل كان مجرد «زغابي» جبان أمام أم قيادية قوية مُفعمة بالطاقة؟ أم كان رجل إنسانية فضَّلَ المفاوضات على هدر دماء المسلمين في حرب خاسرة لا محالة؟
هل كان أبو عبد الله حامي غرناطة الذي عرف كيف يسلم مملكته والحمراء بسلمية متناهية بتجنب عراك أخير ليس له أي معنى؟ هل أدرك الرجل أنه إنما يمثل نهاية حقبة لا يستطيع المنافسة فيها أمام تقنيات قشتالية عسكرية متفوقة؟ أم لعله كان الشخصيتين في آن؟ أم لعله لم يكن أي واحدة منهما؟.
هل خان أبو عبد الله غرناطة إذن؟ ربما يحق للبعض -بناء على ما تقدم- أن يجيب بـ«لا». الخيانة كانت قشتالية من إيزابيلا وفرديناند.
لكن ما صحّة هذه القصة المنسوبة لأبي عبد الله (رحمه الله)؟ و ما الظروف التي شابت انتقال أبي عبد الله إلى المغرب؟ و ما هي المعاملة التي تلقّاها هناك؟ و متى توفي؟ و أين؟ و كيف؟ و ما هي الأكاذيب التي لفقها المؤرخون الأسبان لتشويه سيرة أبي عبد الله (رحمه الله)؟ هذا ما أجاب عنه الباحث الإسباني ليوناردو بيلينا Leonardo Villena في حوار أجراه معه رفائيل بيلتشيز Rafael Vilchez في مقال بعنوان (كذبة لتلميع الصورة) (Un bulo para poder lucirse) على موقع Ideal.es.
و أدناه الترجمة لهذا المقال من الإسبانية.
المقال :
(قدّم ليوناردو بيلينا Leonardo Villena مؤخرا كتابه (الزفرة الأخيرة للملك أبي عبد الله) El ultimo suspiro del rey Boabdil . يتألف الكتاب من 190 صفحة, و تمّ طبعه بلوكرين Lecrin بمطبعة دوكلينيا Duclinea. في هذا الكتاب يؤكد المؤلف على أن (زفرة أبي عبد الله الأخيرة) ليست سوى اختراع من طرف الأسقف أنطونيو كيفارا Antonio Guevara للحصول على مصداقية لدى الإمبراطور شارل الخامس.
الأستاذ و الكاتب ليوناردو بيلينا بيّن أن سيرة أبي عبد الله و جزءا من عائلته أغلبها مملوء بالتحريفات المتعمدة. فليس هناك شك في أن فاطمة هي زوجة أبي الحسن و أنهما كانا أبوين, لكن ليس أكثر. و هكذا فقصة (زفرة العربي الأخيرة) خاطئة لأن أبا عبدالله لم يمر عبر الطريق القديم بين غرناطة و متريل (و هو الذي نسبت إليه القصة). فحسب الكاتب: ( أبو عبد الله توقّف مرّة واحدة لمشاهدة غرناطة من بعض المرتفعات الجبلية للبدول Pedul من باب المنار, لأنه من هنا أخذ يتفكر في طريق البشرات Alpujjara).
و أبرز بيلينا أن أباعبدالله لم يبكي عندما غادر غرناطة و لم تقل له أمّه : (ابك كالمرأة ملكا لم تعرف الدفاع عنه كالرجل). هذا كله اختراع و أكذوبة للمؤرخ أنطونيو دي غيفارا, أسقف قادش و موندونييدو Mondonedo, و ذلك في صيف 1526, حيث أراد تلميع صورته في أعين الإمبراطور شارل الخامس الذي كان في غرناطة لقضاء عطلة شهر العسل بعد زواجه من إزابيلا البرتغالية).
و حسب بيلينا : (هناك مؤرّخ آخر كلفوينتي القنطرة Lafuente Alcantara سقط في أخطاء عندما أكّد أن وفاة أبوعبد الله كانت سنة 1513م في معركة واد العبيد Guadal Hewit أو معركة واد الأسود سنة 1536م. وقد أعطى هذا و غيره من المؤرخين أرقاما تقديرية للقوات التي شاركت مع كل طرف من المتحاربين. إحدى هذه المعارك حدثت في منطقة قريبة من إقليمي هسكورة و تادلة , حيث يندمج واد العبيد بواد أم الربيع , و قد بيّن التاريخ أنه لم يمت في هذه المعركة, لأنه لو اعتمدنا على روايات تاريخية محترمة كروايات المسلمين فإن أبا عبد الله مات بمنزله و حوله أبناءه سنة م1533 عن عمر يناهز السبعين سنة).
تناقض
و أكّد بيلينا كذلك أن : ( نفسه لافوينتي القنطرة , بإتباعه للمؤرخ توريس Torresصاحب كتاب (تاريخ الشرفاء), أكّد أن سلطان فاس خلال هذه الفترة لازال من بني مرين, بينما الحقيقة أن الوطاسيين أزاحوا المرينيين من السلطنة سنة 1472م. بالإضافة إلى ذلك, عدم صحة ما قاله المؤرخ لويس دي مارمول كارباخال Luis de marmol carvajal في كتابه المسمى (تاريخ الثورة و عقاب المورسكيين) الذي اعتبر فيه أن سلطان فاس اعتقل أبو عبد الله فأعماه و كبّله بالأغلال حتى يسرق ثروته ,ثم تركه يتسول في الشوارع). و ختم ليوناردو بيلينا قائلا : ( و أقول أن هذا غير صحيح – مؤكّدا – لأنه في معركة واد الأسود , سنة 1536م , غلب الإخوة الشرفاء الوطاسيين. لكنهم لم يحتلوا المدينة الإمبراطورية فاس إلا سنة 1554م , و واضح أنه خلال هذا التاريخ كان أبوعبد الله مدفونا بجانب والدته)
في عام 1489 استدعاه فرناندو وإيزابيلا لتسليم غرناطة، ولدى رفضه أقاما حصارا على المدينة. فقام عبد الله الصغير بتوقيع اتفاق ينص على تسليم غرناطة، على الرغم من رفض المسلمين لهذه الاتفاقية. وبسبب رفض أهل غرناطة لهذ الاتفاقية، اضطر المسلمين للخروج في جيش عظيم للدفاع عن المدينة ولأن أبا عبد لله الصغير لم يستطع الافصاح عن نيته في تسليم المدينة، قام بدب اليأس في نفوس الشعب من جهات خفية إلى أن توقفت حملات القتال وتم توقيع اتفاقية عام 1491م التي تنص على تسليم المدينة, وتسريح الجيش ومصادرة السلاح.
أبو عبد الله لم يبك, و لم توبخه والدته. لكن أنطونيو غيفارا و المؤرخون بعده, تعاملوا مع التاريخ من منطلق "تأريخ ما يريد الجمهور قراءته" و ليس ما جرى حقيقة,و الجمهور يريد أن يقرأ أن أبا عبد الله كان جبانا, و أنه بكى, و أن أمه وبخته قائلة "ابك كالنساء ملكا لم تحافظ عليه كالرجال".
فمعذرة يا أبا عبد الله الغرناطي
الثلاثاء، 30 يوليو 2019
الشمس لا تغطى بغربال / بقلم د.صالح العطوان الحيالي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق