السبت، 12 أكتوبر 2019

نشيج الآه المدمي / شعر مصطفى الحاج حسين

*نشيج الآه المدمي..*

                         
                  شعر : مصطفى الحاج حسين .

تأوّهَ التّأوّهُ من آهاتي

وقالَ : -  آه

والأفقُ ينتفخُ من كثرةِ الآهاتِ

أيا زمنَ الزّفيرِ .. والأنينِ

شابَ نبضُنا .. وقلوبُنا بكارى

آهٍ من شمسٍ تطلُّ كحذاءٍ أسودَ

وآهٍ من لغةٍ ..

لا نتداولُ منها غيرَ الآهِ !

         -2-

أتوخّى البسمةَ كي لا أسمَّ

وأنأى عن عصاباتِ الصّداقةِ

والحبُّ يرعبُ قلبي كالسّكينِ

آهِ .. من أينَ لغرفتي هذهِ الأشباحُ ؟!

صحراءُ مدينتِنا

تفترسُ أحلامَنا وتزهس الأمنياتِ

بأمرِ الجَزارِ

ورودٌ تشدُّ ضفائرَ الأزهارِ

آهٍ لو ينطقُ الآهُ

هلِ النّدى بعضُ شكواهُ ؟!

آهٍ .. لو يدخلُ الحلمُ في حلمي

ليتعلمَ أبجديةَ الحلمِ

آهٍ .. لو يمرُّ الغيمُ من قلبي

ليعرفَ أينَ يتّجِهُ

آهٍ لو نلجمُ الآهَ

ونجعلُ الفرحَ مثواهُ

آهِ .. ما نفعُ الآهِ

والنّدى محشوٌّ بالبارودِ ؟!

احترقت أفواهُنا المقشوشبةُ

والآهُ نشيجُ مآقينا

آهِ .. النّدى بركانُ آهٍ

والشمسُ شظيةُ القطراتِ

مَن يدخلُ قطرةَ النّدى

ويجوبُ رحابَها

يكتشفُ الآهُ رؤياها

والمَدى المصفوعُ دمعُ عينَيها

والقمرُ المفجوعُ نهدُها المقطوعُ

وهذا البحرُ المحزّزُ الشّفاهِ

بسمتُها المطعونةُ غدراً .

             😚

ندى ..

تعالَيْ ننشلُ الآهَ منَ الأفواهِ

ينبغي لأطفالِنا أن يضحكوا

ولأرضِنا المجذورةِ أن تزهرَ

هلمّي نفتحُ الجداولَ

ونشقُّ الدّربَ لشمسِنا الجامحةِ

هلمّي ..

واسّاقطي فوقَ جراحِنا

تأففتِ الفرشاتُ من قناديلِنا

والعشبُ لا يخضرُّ

إن لم تغمرِ القلبَ

آهِ ما أقصرَ الطّريقَ .. لو نسيرُ

والخطوةُ ..

هاويةٌ إن أخافتْنا

فاركضي .. واقفزي

الضوءُ مركبُنا ..

والحلمُ جوانحُنا

الطّفلُ القادمُ لن يلفظَ الآهَ

فجرُ صوتِكِ ..

يرعشُ الأفئدةَ

وفي وجهِكِ أملاحُ التّاريخِ

واستغاثاتُ مَن فاجأهُم الموتُ

بطعنةٍ .. أو أمرٍ إداريٍّ

فأنشدينا ..

شعرَكِ كي نقومَ

من شللٍ رضعناهُ في المهد

من فزعٍ كابدناهُ في الرّحمِ

فجّري بالسّواعدِ أصفادَ الشّمسِ

لنهتفَ ..

لن نقولَ الآهَ

حتّى في أغانينا .

                  مصطفى الحاج حسين .                        حلب.. عام 1985م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق