الثلاثاء، 7 مايو 2019

ألفاظ الشعراء وعباراتهم / بقلم د.غالب القرالة

د. غالب القرالة:
ألفاظ الشعراء وعباراتهم –ج2-- :
ويعلق ابو عمرو على تلك القصيدة التي اخترنا منه هذه الابيات بقوله – وقد ادخل الناس ابياتا من هذه القصيدة في شعر المجنون – والحق ان البيتين الاخيرين من هذه المقطوعة يردان ايضا في يائية المجنون الطويلة المعروفة .وسواء صحت نسبة الابيات الى ابن الحداوية ام الى المجنون فان ذلك يدل على ان رواة الشعر في ذلك العصر قد وجدوا تشابها واضحا بين لغتي الشاعر ين واسلوبهما .لكن مثل هذه القصائد تظل اعمالا مفردة لاتتخذ شكل الظاهرة كما اتخدها شعر العذرين .وقد نتج عن تلك البساطة وهذا الوضوح –اللغوين – او صاحبهما = ببساطة ووضوح في الصورة الشعرية ذاتها .فالشاعر يعبر في الاغلب تعبيرا تلقائيا بلا محاولة الابداع او التفنن معتمدا على حرارة العاطفة وايحاء الالفاظ المرتبطة بالمشاعر والانفعالات .ويلاحظ الدارس ان الشعر العذري قليل الاحتفال بالتشبيهات والمجازات التي كثيرا ما يستعين بها الشعراء في تركيب الصوره الشعرية وقد سبق الى هذه الملاحظة الدكتور شكري فيصل فقال متحدثا عن جميل:
ونحن لا نحس لدن قراءة هذه القطع اننا امام فنان يعمل عقله في شعره وانما نحس اننا امام شاعر يتحدث بنفسه عما يجيش بنفسه وبين هنا لم نشهد عند جميل ما كنا شهدناه عند الشعراء الجاهلين من كثرة التشابه والصور ...تمضي القطعة كلها وليس فيها اية صورة او استعارة وتنساب على انها حديث عادي حكاية حال يقصها الشاعر ولكنما يقصها في اسى وزفرة ويعرضها ولكنما يعرض بعرض معها قلبه وانفعالاته فان هذه الانفعالات وما يصحبها من مشاهد الحياة الداخلية وتقلقلها والتاثيرات التي تكسوها تعوض عن الصورة التي تعود الشعراء ان ينشروها في قطعهم بين البيت والبيت والشطر والشطر.
ومن هنا لم تكن البراعة الفنية عند جميل وعند امثاله من الشعراء والعذرين في اساليبهم البيانية وانما كانت قبل كل شيئ واكثر في تعرفهم لسرائر النفوس وفي عرضهم لها عرضا يسيرا.
لكن اذا كان هؤلاء الشعراء قد تخلوا عن كثير من الوسائل الجوهرية في رسم الصورة الشعرية فلاشك انهم قد استعاضوا عنها بوسائل اخرى تلائم ذلك المنحنى النفسي الباطني المجرد وتلك العواطف الجياشة التلقائية .ومن اول تلك الوسائل استخوافهم لحشد من الالفاظ العاطفية والانفعالية على نحو غير مالوف من قبل.
وقول للشاعرة صفية الدغيم :
كفى قد تعبت
من الصمتِ حينَ يكونُ عليكَ كلامي ثقيلا
ومن رصدِ وقعِ الخطا حين تدنو إليَّ قليلا
ومن وخزِ قلبي وتكرارِ قولكَ صبراً جميلا
كفى قد تعبت
فما عادَ يشفعُ لي دمعُ عيني وطولُ السهر
ولو شهدَ الليلُ لي والنجومُ وضوءُ القمر
وهذا السريرُ المرتّبُ حينَ ينامُ البشر
وتلكَ الوسادةُ والدمعُ بلّلها كالمطر
كفى قد تعبت
فما عادَ يعنيكَ أمري ولا عدتَ تسألُ عني
ولا عادَ قلبكَ يرقصُ كالطفلِ حينَ أغني
ولا عادَ ينفعُ منكَ اعتذارٌ ومني التمنِّي
و صرتَ تُكذِّبُ دعوايَ إن قلتُ أنكَ أني
فدعني لصمتي ووجدي وأبعد ضجيجكَ عني
وقول  :
كن لي كثاني اثنينِ في كوخٍ لَنا ..
نحيا معاً ويكونُ ثالثُنا الهَنا
كن لي كمرآتي التي في غرفَتي ...
فإذا أشرتُ إليكَ أعنيني أنا

وقول للشاعرة ليلاس زرزور:
لحن الهوى ...
كم أنثني والحب فيكم مترف
وأقيم قداس الجنون وأهتف
إني كما المجنون زاد صبابة
والروح عطشى للندى تتلهف
حسبي لقلبي أن يموت صبابة
نار الغرام لهيبها هل يأسف
قلب من الإزهار لون خافقي
والحب يعزفني وقلبي يرجف
نظراته فاضت حنينا داخلي
ولهى على كف الغدير ترفرف
مازلت أحبو في المشاعر والهوى
وبحبه قلبي له يتصوف
ه
أواه يازهر القرنفل عشقنا
نبض الحنين مع الضنى كم يجرف
روح تحاصرني بروحي دائما
وأتى له سحر البيان يزخرف
وثملت حتى البوح من خمر الهوى
ولكم تكتم في العيون تلهف
و عرفت معنى الحب من جمر الجوى
كيف القلوب عن الهوى قد تصرف
وكتبت في عينيك كل قصائدي
لحن الهوى من حبكم يستنزف
بيني وبينك ألف آه ضمها
شوق الفؤاد على الضلوع يهفهف
وقول للشاعرة سميرة بن حسن :
كالمدى في ثناياه السحر
بحر موجه العاتي قدر
مثل يونس يقذفني
عار ينتظر
أقتطف الربيع
كي أغطي جنوني فيك
علني أحظى بلقاء
تتلوه السور
ما المها...ما الحور
ما الهﻻل...وما القمر
عيناك على أرصفة الحزن
ضحكة عذراء بها الذنب مغتفر
أنت يا عطر قرطاج
في أنوثة عشتار
علميني كما أنكيدو البشر
كيف أحب.....
كيف أحيا.....
كيف أكون إنسانا.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق