في الدقيقة الستون...
كانَ لابُدَ لهُ أن يتكلم في الدقيقةِ الستون بعد أن طالعتُ كل ذلك الحزن القابعِ بين جفونه والأسى المتربع على خطوط جبينه
كان صامتاً طوالَ تلك السنين ،كانت دموعه ليلاً تبدو مثل أصواتٍ محزنةٍ تسمعها فتستوقفك وتملأ أضلعكَ لوعةً تمثل لك الشقاءَ كالأشباح ..
بدت نفسهُ كالنبتةِ اللينةِ في مهب ريح التقادير ،تتقاذفهُ موجات القدرِ بين همٍ وحزنٍ أسىً وألم .
كان يعاني من مجاعةٍ روحية ،مجاعة فقد الأحباب ،مجاعة أنه أصبح وحيداً
تنظر إليهِ. فيبدو لك كالصخرِ الثابت ،نظراته تطوي ليالٍ من البكاء والنحيب فوقَ قبور أحبابه وبين جدرانٍ وزوايا منزلٍ خاوٍ من أصوات ساكنيه
تحادثهُ يرد بجزءٍ من الإجابةِ كأن حروف الأبجديةِ إنتهت من داخله ولا يفقه منها شيىء
يواعدُ كل يومٍ على ذلك المقعد الخشبي قطةً جائعةً يذهب ويجلس لساعاتٍ ليطعمها كل يومٍ وهي تعودتْ على خشونةِ يديه ونظراته البائسة حتى أصبحتْ تنتظره في نفس التوقيت ونفس المكان.
تمرجحتْ كف القدرِ في حياته وقضتْ على بريقِ الأمل فهو الآن على قيد الممات في هذه الحياة
كان لابُدَ له أن ينفجرَ في تلك اللحظة وعلى ذلك المقعد حين مرت بائعةَ ورودٍ صغيرةٍ ذات الثياب الرديئةٍ تقول له بصوت بائسٍ :اشتريْ وردةً لأحبابكَ يا عمْ أرجوك،،، ،نظرَ إليها وكأنها كشفتْ سرهُ الثمين سرَ صمته الصارخ وامتلأت الحدقتان بالدموعِ حتى صرخَ وتكلمَ في الدقيقةِ الستون....
بقلمي .مي الأحمد
سوريا .حمص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق