همسات مراكشية
=========
قصيدة بقلم
=======
كمال مسرت
=======
أُقَبِّلُ فيكم لَذّة النّسيان ..
=============
أنا هنا ..
يا زعماءَ الموتى ..
و هنا أنا ..
فوقَ الأرضِ الملتهبةِ أنا ..
أبكي هنا ..
بلا خيالٍ و لا روحٍ أبكي أنا ..
فوقَ رمادِ الأرضِ المحترقةِ أنا ..
و سكونُ الأفقِ ضاقَ بوطني .. أنا ..
بين صخبِ البحرِ و بكاءِ السماءِ ..
اغتالنا أبناءُ العم سامْ .. بسيوفِنا ..
و استوطنوا الفراغَ في دمعِنا ..
أنا .. أنتَ و أنتِ .. أنتم و أنا ..
و في صمت الموتى ..
أحاربُ اليأسَ في منامي ببسالةٍ .. أنا ..
فخذْ يدي المتيبسةِ خجلا أيها الزعيمُ ، و اهدني صراطَ الفناءِ ..
كنِ معي و ليس عليَّ ، و لا على وطني ..
أيها القيصرُ المحترمُ .. الملعونُ في كلِّ قصيدةٍ ..
و مني أنا ..
فأنا ها هنا تحتَ الترى الملتهبِ ..أنا ..
و القتلى خلفي كهشيمِ الزعفرانِ ساجدونَ ..
فأوزعُ ما تبقى من القبورِ على الشهداءِ ..
مبتسما تارةً ، و صارخا أخرى ..
أُلَوحُ للقادمينَ الجددِ مبشرا ..
بندرةِ القبورِ على أرض الشامِ و العراقِ ..
فقد اتخذها الطوفانُ الأخيرُ ملاذا من أزيزِ الفجرِ ..
و أوزعُ ما كُسِّرَ من قُدْسِيَّةِ الصليبِ ..
بين جدائلِ تلك الحلبيةِ الحوراءِ ..
المستلقيةِ على رصيفِ الفردوسِ ..
طمعا في الحياة بعدَ الحربِ ..
و دمعةُ أمِّ الناصريِّ على الربوةِ ..
الفتنُ تنسجُ عنوانَ القيامةِ ..
على رتاجِ كنيسةِ القيامةِ ..
قبلَ أنْ تعلنَ إسلامَها أمامَ الجنودِ ..
قبلَ أن يغتالها سكونُ العالمِ ..
بِغَضِّ البصرِ .. عنْ عورتِها ..
استحياءً من جبروتِ القيصرِ ..
فتبتسمُ ليَ الجراحُ ، و البركانُ من بعيدٍ ..
يطفىءُ غضبي .. بالنار ..
لِيَنْسحبَ أنينُ الماضي و الحاضر من وجعِ كلِّ شيءٍ ..
إلا منْ وجعِ عشقي أنا ..
اقتربْ من جرحي يا حارسَ القدسِ ..
يا عَرّاب الشهباءِ ..
فلا يكفي النظرُ لقلبي المتشققُ من بعيدٍ ..
فأنا هنا .. و هنا أنا ..
خلفَ حدودِ القوميةِ و السرابِ سائِرٌ أنا ..
أكسرُ مرايا الخلدِ في ذكرياتي ، و على خدِّ مذكراتي ..
الشخصية ..
أُقَبِّل فيكم لذة النسيانِ .. يا أمةَ الإسلامِ ..
اقتربْ مني أيها الشاعرُ المنفيُّ في قصيدةِ الحسناء والزناد ..
لتشعر بحرارة أنفاسي الأخيرة ..
لتحترق قصائدك بزفرات يراعي ، و سخط عِتْرات قصائدي..
الأبدي ..
قبل أن أرحل إلى المعتقل ..
أو إلى منفاي الحميم ..
أيها القيصر المتوج في مأتم الياسمين و الزعتر ..
و كأن النهايات تهواني أنا ..
أو أهواها أنا ..
فنحن أيه النائمون في مَدارِج الجامعة العربية ..
نهوى بعضنا بعضا قبل بداية الخلق ..
و قبل بداية كل اجتماع أشتاق إليها ..
كمعشوقة جميل في شعري الرمادي ..
كاسمي الموشوم على كل رصاصة مسومة اختارت قلبها ..
سكنا ..
اسأل عنها أيها الغريب عن الديار ..
اسأل عنها كل قصائد الغزل و عني أنا ..
من هي ؟ و من أكون أنا ؟..
فأرسم جسرا يأخذنا إلى الضفة الأخرى ..
من الحياة الأبدية ..
لأقرأ باقي القصائد المنفية في المهجر ..
أزور يوم الجمعة مقهى العرب بروما ..
حين يعلن الطوفان سيادة الكون تارة أخرى ..
في صمت الخطباء ..
تطاردنا أمواج البر و حبات الدمع ..
و سرب من الرصاص يظلل ناصية حلمي الأخير ..
حين أخفي حزني في سحر بيان لغتي ..
فلا أسبت ..
أنا هنا يا سيدتي ..
أيتها البتول المغتصبة على الملإ ..
و هذا نعشي أنا .. و هذا أنا ..
و الأعراب عورتك ..
فهزي إليك بكفني يتساقط على خمائلك رصاصا ..
و بندقية ..
و استري عورتك بدمي .. يا أمي ..
تعالوا أيه الموتى ..
لنكتب ما تبقى من سنن الفاروق ..
و نرسم لوحة تذكرنا بصرخة الأيوبي ..
قبل الفتح المبين ..
فقد أوشكت ساعة رحيل حارس التاريخ عن أرضنا ..
فابتسموا لبلاغة الصمت العربي ..
قبل الرحيل إلى حدود بداية الدمار ..
قبل أن يسيل الدمع في منتصف الحلم العربي ..
و ذاك الباب الصغير لي أنا ..
فأشعر بالدفء حين تعبره أرواح الشهداء ..
قبل أن يعدموا قافية قصيدتي الأخيرة ..
في القدس ..
فأنا لا أتذكر نبضات جرحي الصغير ..
و كنت الجرح العربي أنا ..
و كنت المنفى ..
و الأسير كنت أنا ..
فلا تحزني و لا تبك سيدتي و قري عينا ..
ما أخلفنا موعد الجهاد بملكنا ..
و لكن الزعماء ناموا فنمنا ..
بقلم: كمال مسرت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق