سنسأل القارئ أسئلة، لا ننتظر إجابتها؛ وإنما نريد منه أن يتوقف عندها ليعلم مرتبته حتى يعمل عليها، ولا ينساق بالتقليد خلف مقولات موروثة، لم يختبر صحتها، أو يبِن له برهان عليها. فنقول:
- هل أنت موجود؟ فإذا كنت موجودا، فهل وجودك هو الوجود الحق، أم هو غيره؟
- فإن كان وجودك غير الوجود الحق، فهذا هو الشرك الجلي الذي لا شك فيه. وإذا كان وجودك هو الوجود الحق عينه، فهذا توحيد بالمعنى الذي تعطيه اللغة؛ أي جعْل الاثنين فأكثر واحدا.
- لكن هذا التوحيد يحتاج برهانا يستند إليه: فإن كان الوجود الحق لك، فقد ألحقت الله بالعدم وهو ليس له سبحانه؛ لأنه محيط بك، وأنت لست محيطا به. كل هذا من حيث الوجود.
- وإن كان الوجود الحق لله، فقد ألحقك بالعدم. فكيف تكون مشهودا، وأنت معدوم؟
- أم أن الذات لها اعتباران وجود وعدم؟ فإن كان الأمر هكذا، فكيف يتصف موصوف بالنقيضين؟ أم كيف يتواجد النقيضان في عين واحدة.
- أم أن الندّية بين الوجود والعدم عقلية وحسب، ولا أثر لها في الواقع؟
- وإذا كان العدم يتصف بالشهود، فكيف يختلف من مشهود إلى آخر، وهو أحدي الحقيقة؟
هذه الأسئلة لا يجيب عنها إلا عارف، ومن لم يكن كذلك، فعليه أن يتوقف؛ ويلزم أركان الإيمان، حتى يحفظ على نفسه دينه. وليشتغل بما ينفعه عند ربه، دون أن يخوض فيما قد يضره ولا ينفعه. وليعلم أن أمر التوحيد جليل، وخطبه جسيم؛ وأن الكلام فيه له أول وما له آخر. وليحذر أن يكون توحيده شركا، وهو لا يدري؛ أو يكون دينه نفاقا يتزين به للعباد، والله مطلع على حقيقته من عليائه سبحانه.
وليحذر العبد على نفسه الشيطان، فإنه متربص به في كل عمل قلبي وبدني. وقليل متيقّن، خير من كثير مظنون.
____________________________________
موقع العمرية للتجديد الصوفي - قسم شبه المنكرين / { منطق }.
بقلم المجدد العالم بالله الإمام الشيخ سيدي عبد الغني العمري الحسني حفظه الله.
www.alomariya.org/choubahmonkirin-6
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق