الخميس، 1 أغسطس 2019

قصة"ظل البيت لمطيره / بقلم د.صالح العطوان الحيالي

قصة " ظل البيت لمطيره و طارت بيه فرد طيره " مثل ملائم للواقع الحالي
---------------------- د.صالح العطوان الحيالي  -العراق- 19-7-2019
لم ينتبهوا إلى وضع منطقتهم الآخذة بالتردي والخراب، إلا بعد أن خسروا الكثير الكثير من أموالهم وأراضيهم وهيبتهم، حيث كانت بلادهم من البلدان التي تضرب بها الأمثال بغناها وتلاحم وطيبة أهلها وكرمهم, كانت بلادهم وفيرة بكل شيء، بالغلال والماشية والهيبة والخصال النبيلة, حتى أخذت تثير الغيرة والحسد في القرى المجاورة, وراح بعض الحاسدين المترصدين ونهّازي الفرص يخططون للإيقاع بها ووضع نهاية لمجدها المغيض ......
كان الشعب العراقي قبل  سنوات يعيش حالة من التفاؤل بالمستقبل بعد انقشاع الغيمة السوداء التي كانت تحجب نور الشمس عن وطن الشمس معتقدا أن الحق قد عاد الى أهله وأن الخير آت لا محالة . ورغم كل التحديات الصعبة التي واجهت هذا الشعب الصابر الممتحن لم تخبو جذوة الأمل في نفسه ولم يقطع الرجاء من الغد الذي طال انتظاره .وبعد السنوات  الثقيلة بجراحها والمريرة بعذاباتها وجد هذا الشعب نفسه يدور في حلقة مفرغة وكما يقول المثل الدارج ( نفس الطاسة ونفس الحمام ) فكل من يصعد على اكتاف المساكين والمضطهدين ويستلم زمام الأمر تتكرر نفس الصورة المأساوية ، فظهر الشعب يزداد احددابا من ثقل الهموم والأرزاء في وقت يزداد ظهر المسؤول اعوجاجا الى الأمام من جهة البطن لتضخم كرشه " المقدس " بعد ان ينسى هذا المسؤول ربه قبل ان ينسى شعبه الذي لولاه لبقي نكرة لا يعرفه احد .و بعد مرور ما يقارب عقدين  من السنين اصبح الشعب في مهب الريح ، وأما مصالحه فإنها تقع في ذيل قائمة الأولويات لدى قيادته اذا افترضنا ان لمصالحه وجود اصلا في تلك القائمة الملعونة .وهنا اتذكر ظاهرة الهجرة الجماعية التي شهدها العراق في السنين الماضية بعد ان تحولت الحياة الى جحيم في هذا البلد  واذا استمر الوضع على ماهو عليه فأعتقد ان لهذا الشعب هجرة ثانية وستكون اكبر من الهجرة الاولى واطول منها امدا ، ولعل قيادته ارادت لهذا الشعب ان يهاجر مرة أخرى  والله اليستر من تاليها  " !!! ، ليخلو العراق من أهله حتى يصول ويجول به القادة الاشاوس من ابناءه الذين حطموا الأرقام القياسية في العقوق والتنكر للجميل  ويتحقق المثل الشعبي الذي كان يتندر به هذا الشعب ( ظل البيت لمطيرة وطارت بي فرد طيرة ) واليكم قصة هذا المثل
محسن يمتلك قطعة زراعية في قرية غنية بمواردها ومعروفة بطيبة اهلها وكرمهم وشهامتهم وكانو يعيشون امنين وخيراتهم لهم وقد طوروا قريتهم وفق امكاناتهم فاصبحت هذه القرية هدفا للطامعين وكان محسن يدافع عنها ويتصدى بكل قوة لهؤلاء الطامعين ويطردهم لا بل وطردهم بعد عدة معارك انتصر فيها واهل قريته فاخذت العناصر الطامعة تحيك المؤامرات للايقاع بمحسن واهل قريته والاستيلاء عليها وعلى مواردها وكانت هناك قرية مجاورة لقرية محسن فيها من الاشرار الحاقدين على هذه القرية ومن بين سكان تلك القرية رجل شرير وامراة اكثر منه شرا وترتبط معه على هدف واحد
فاخذو يعدون العدة للاستيلاء على قرية محسن وقتله باية طريقة للتخلص منه لانه تمكن بتوحيد قريته بجميع سكانها وكانو اهل القرية لايعرفون الرجل الشرير والمراة الشريرة ولكن محسن يعرف شرور تلك القرية المجاورة لقريتهم وعاش تدخلاتها وماسيها وفي يوم من الايام دخلت على قريتهم تلك المراة وطلبت مجاورتهم  فرحبوا بها كما هي عادة العرب وحذرهم محسن ولكن دون جدوى فسكنت معهم في نفس القرية فاخذت تجذب اهل القرية السذج بمهاراتها السحرية والشعوذة والاكاذيب وكسبتهم بدون وعي واعتبروها جزء منهم فالتفو السذج حولها واخذ صاحبها الغريب يتردد عليها وكان اسم المراة المشعوذة ( امطيره) وعندما يسالون اهل القرية عنه تقول انه من معارفها وهو ظيفي فلا يمنعونها من ذلك ولكن حقيقة الزائر ليس الظيافة وحسب بل للاتفاق معها للايقاع بمحسن والاستيلاء على القرية  وكان لمحسن اولاد ولاخيه اولاد فتيان وشباب لايفقهون من الامور شيئا ولكنهم يمتلكون ذكاء ابيهم وعمهم وشجاعتهم واخذ ابيهم وعمهم يهتمون بتربيتهم لمستقبل الحياة الغير معروف وبعد فترة ادعت المراة الساحرة بانها اشترت من محسن قسم من اراضيه ولديها شهود بذلك وقدمت شاهدها الشرير وبعضا من اهالي القرية السذج ولكن محسن لايعطي قريته بهذه السهولة فاخذ يدافع عن حقوق قريته ويتحدى هذه المراة الملعونة واختفت المراة عن القرية لانها ذهبت لصاحبها الشرير واحاكو مؤامرة لقتل محسن والخلاص منه ليفرغ لهم الجو وذهبوا هي وصاحبها الى قرية بعيدة بعيدة عن سكنهم وتحالفو على اهلها للخلاص من محسن والاستيلاء على القرية وتقاسم مواردها وتم ذلك فعلا وفي غفلة واصبح محسن مقتولا وبما ان السذج يثقون بالشرير والمراة الساحرة فانهم اصطفوا معها لانها خدعتهم واخذت تبين خططها المسمومة اتجاه القرية واهلها ففرقتهم بعد ان كانو موحدين ليسهل عليها ماتريده واخذ اخ محسن والواعين من اهالي القرية يرددون دائما ( ظل البيت لمطيره طارت بيه فرد طيره ) وتحسس اهل القرية ولم تدوم هذه الامور طويلا بعد ان اخذ الوعي يزداد عند اهل القرية وعرف حتى السذج ان لهذه المراة غايات ذلك لاانهم شاهدو ان جميع الاجانب اخذو يترددون على قريتهم بحماية الشرير والمراة ويسرقو اموالهم ومن عادات اهل القرى فان احتفالهم بالاعياد بواسطة الدبكات والهوسات والاهازيج ،فقد اشرق عليهم العيد واجتمع جميع الناس للاحتفال على عادتهم فانبرى اخو محسن واولاده والواعين منهم يهزجون بهوسة عاتبون اهل القرية فيها ( اشلون اتسلم البيت المطره ----- ومطره تصاوغ بيه ) فانجمع جميع اهالي القرية  وتوحدو واخذوا يهزجون بهذه الهوسة واتجهو الى المراة فوجدو انها تضيف الاجانب والاشرار فطردوهم جميعا وارتا ح اهل القرية من جميع الاشرار فاصبح المثل شائعا
( ظل البيت لمطيره ---وطارت بيه فرد طيره ) ولكن طيرتها لاتستمر
وأول من أبتكر شخصية مطرة أو مطيرة هو المرحوم عبد الساده كصّاد حتى ذهبت مثلا" يتداوله العراقيون يضرب في المال السائب والحال المائل دون أدنى مسؤولية أو أنصاف فقال أهزوجتة في نقد الأنكَليز :مطره البيت واهل البيت وحـﮔـها من تصاوغ بيه
اشـﭽم مره تجي للبيت مطره وخالي اهو تلـﮔيه
من عشرين لثلاثين للخمسين مطره تبوﮒ وتضم بيه
الرايد يحفظ هذا البيت .. يطلـﮒ مطره
وهذا الحايف ما يدناه ...
وقال في السخرية من الأنكليز :
يمنادي الشعب لباك من لبيت
ذبحت أهل الفرات أعليك ماخليت
سويتك حكومة وسلميتك بيت
أشلون أتسلم البيت ألمطره أو مطره تصاوغ بيهوفي نقد الحكومة محذّرا" من غضب الشعب :تلعب دوملة وكاغد حكومة شلون مرتاحه
من ملهى لعد ملهى ومن ساحة لعد ساحه
ما تدري الشعب مالوم ساعه وكبّر صياحه
كل يوم وصاوغ نوري بهاي الناس .. دخيلك يالله دخيلك
(دوملة : لعبة الدومينو ) ( كاغد : لعبة الورق ) (نوري : نوري سعيد ) ..
وله أهازيج لا أنساها يقول فيها :
لاني بحال الراح ولاني بحال الجاي
بحال البير الشربوا منّه وبزّوا بيهوأحفظ له
واليكم بعض الابيات الشعرية تحاكي هذا المثل للشاعر العراقي سامي عبد المنعم
ضل البيت هيته امشرعه البيبان
ياهو اليجي ايفوت وصار خان چغان
لا قانون اله ولا عدل لا ميزان
والوادم اتلوب وضاله ابحيره
ضل البيت لمطيره
حيران الشعب مايدري شنهو الراي
لا عنده امن لا كهربا لاماي
وصاير مضحكه للرايح وللجاي
لان ما حسم امره وعرف تدبيره
ضل البيت لمطيره
بالك تعتمد على الي ايبيع اهله
رخيص وكل اهانه ايشوفها سهله
طماع وذليل وغارگ ابجهله
هاذه اشترجه منه وشنهو تفكيره
ضل البيت لمطيره
وهذه الاهزوجة
اشلون اتسلم البيت المطره —– ومطره تصاوغ بيه
وظلت هذه الأهزوجة حية وراسخة في ذاكرة العراقيين.. في النهي والتحذير عن كل من يثق بأي إنسان هو ليس في موضع الثقة والأمانة.. إلى حد أن الكثير من الهوسات والأهازيج اقتفت معنى هذه الأهزوجة أو الهوسة.. ولكن أجمل ما قيل في هذا الصدد هو حوار  بين شاعر من النجف وبين الشاعر عبد السادة الكصاد, حيث أرسل الشاعر النجفي بعد تشكيل أول حكومة عراقية من قبل المحتلين أهزوجة إلى الشاعر عبد السادة الكصاد يقول:
يمنادي الشعب لباك من ناديت
ذبحت اهل الفرات اعليك ما ناديت
سويتك حكومة وسلمينك بيت
شلون تسلم البيت لمطره ومطرة اتصاوغ بيه
فأجابه عبد السادة الكصاد:
مطرة البيت واهل البيت حكها من تصاوغ بيه
اشجم مرة تجي للبيت مطره وخالي اهو تلكيه
من ثلاثين للخمسين مطره تبوك كلشي البيه
الرايد يحفظ هذا البيت يطلك مطره وذاك الحايف ما يدناه
وها هي مطره تتحكم ثانية وثالثة بمقدرات البيت.. سرقة وفساداً ومجاملة.. وهذه المرة السرّاق واللصوص من أهل البيت.. لكن لا أحد يمنعهم أو يقتص منهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق