د.غالب القرالة
الشعر العمودي
كتابة الشعر
تُعتبر كتابة الشِّعر موهبةً من المواهب التي يفتقر إليها البعض فكتابة الشِّعر نوع من أنواع الأدب العربي حيث برع الكثير من الشِّعراء في عصر الجاهلية مثل الشّاعر امرؤ القيس وعنترة بن شداد وزهير بن أبي سلمى وغيرهم من عباقرة الشِّعر الذين تَميّزت قصائدهم بجزالتها.
التزم الشِّعراء قديماً بكتابة الشِّعر العمودي وهو الذي يتكوّن من شطرين .
وفي العصر الحديث خرج الشّعراء عن هذا التقليد وكتبوا الشِّعر الحر وهو الّذي يَتكوّن من شطر واحد .
فما هو الشِّعر العمودي؟
وما هو الشِّعر الحرّ؟
وما الفرق بينهما؟
مفهوم الشِّعر العمودي :
يعتبر هذا النوع من الشِّعر الجذر الرّئيسي للشعر العربي والذي تفرعت منه أنواع الشِّعر الأخرى ويتكون الشِّعر العمودي من أبيات شعرية والبيت الواحد يتألّف من شطرين:
يُسمّى الشّطر الأول الصّدر والشّطر الثاني هو العجز ويخضع الشِّعر العمودي لقواعد علم العروض وهي بحور الشِّعر والالتزام بالقافية وغيرها
ومن الأمثلة على الشِّعر العمودي نذكر مطلع معلقة الشاعر زهير بن أب سلمى:
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ.
مفهوم الشِّعر الحرّ يتخذ هذا النوع من الشِّعر من اسمه نصيب فهو ذلك النوع الذي لا يلتزم بالشكل والقافية ولكن يبقى على تفعيلة واحدة ويتكون من أبيات شعرية وكل بيت يتكون من شطر واحد ظهر هذا النوع من الشِّعر في خمسينيات القرن العشرين ومن أبرز شعراء هذا النوع الشاعرة العراقية نازك الملائكة وهي رائدة الشِّعر الحرّ في العراق والشاعر بدر شاكر السياب وقامت نازك بتعريف معنى الشِّعر الحر فهو الشِّعر الذي تتكون أبياته من شطر واحد وليس له طول ثابت ويقوم على أساس وحدة التفعيلة والمعنى السلس والبسيط
ومن الأمثلة على ذلك مطلع قصيدة شجرة القمر لنازك الملائكة:
على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ
وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ
الفرق بين الشِّعر الحر والشِّعر العمودي
يلتزم بيت الشِّعر العمودي بشطرين
أما الشِّعر الحر فهو يتكوّن من شطر أو سطر واحد.
يتميز الشِّعر العمودي بوحدة القافية والبحر الشِّعري والشكل والمضمون .
وأمّا الشِّعر الحر فيبتعد عن الشكل التقليدي الذي يلتزم به الشِّعر العمودي.
يجوز اختزال بعض أبيات القصيدة في الشِّعر الحر دون أن يؤثّر ذلك على المعنى والتذوق الأدبي
وعند اختزال الأشطر في الشِّعر العمودي حتماً سيؤدي ذلك إلى تخلخل في الطبيعة العامة للقصيدة ولا ينسجم القارئ مع القصيدة.
ظهر الشِّعر الحر بالقرب من فترات التحرر والانفتاح على الغرب فالعديد من القصائد نجد فيها الكثير من المصطلحات قد تكون دخيلة على اللغة العربية
وأمّا الشِّعر العمودي فتميّز بجزالته وكتابته على يد شعراء استوحوا كتابته من البيئة التي تحيط بهم.
وقصيدة لامير الشعراء احمد شوقي يقول :
هذي المحاسنُ ما خلفتَ لِبُرقُع
ضُمّي قِناعَكِ يا سُعادُ أَو اِرفَعي هَذي المَحاسِنُ ما خُلِقنَ لِبُرقُعِ
الضاحياتُ الباكياتُ ودونَها ستر الجلالِ بعدُ شأو الملطع
يا دُمْيَة ً لا يُستزاد جمالُها زيديه حُسْنَ المُحْسِن المتبرِّع
ماذا على سلطانِه من وقفة للضَّارعين وعَطْفة ٍ للخُشَّع؟
بل ما يضركِ لو سمحت بحلوة ؟ إنّ العروسَ كثيرة ُ المتطلَّع
ليس الحجابُ لِمن يَعِز مَنالُه إن الحجاب لهين لم يمنع
أَنتِ التي اتَّخذ الجمالَ لعزِّه من مظهر ولسره من موضع
وهو الصناع يصوغ كل دقيقة وأَدقّ منكِ بَنانُه لم تَصْنَع
لمستك راحته ومسك روحه فأَتى البديعُ على مِثال المُبْدِعِ
ومن امثلة الشعر العمودي في العصر الحديث :
قصيدة للشاعر عامر زردة يقول :
ويلاهُ من حرِّ الجَوى ويلاهُ
أنا لا أريدُ مِنَ الدنى إلَّاهُ
يا فاتني والقلبُ بَعدكَ تائهٌ
والبعدُ إثْمٌ ، يا تُرَى تَرضَاهُ
أشتاقُ رشفةَ كوثرٍ يا سادتي
لو كانَ ممَّا تصطفيهِ يَداهُ
أو مِنْ جميلِ شفاهِهِ الوردِ التي
تُروي ببردِ رضابِـهَا مُضناهُ
العطرُ عشقي والورودُ تعلُّقي
لاتعجبوا ، ، من حُسْنِهِ أَوَّاهُ
قولوا لهُ بعدَ التَّحيةِ إنَّني
أهواهُ مِنْ قلبي ولنْ أنْساهُ
وقصيده للشاعر أبو مظفر العموري رمضان الأحمد :
يا بَحَّةَ النَّاي قدْ أشعلتِ نيراني
وعشش العشق في أعماق وجداني
نيرانُ حضنكِ كم أشتاقُ لسعتها
زيدي لهييك كي تحويك احضاني
يا منيةَ الروحِ لولا أنتِ ماانتفضتْ
بيارقُ الشوقِ في قلبي وأركاني
انت الحبيبة رغم الغيد فاتنتي
يا نجمة الصبح ان النور أعماني
دعي الجراح وكوني للهوى نغماً
سعيرُ حبكِ حَتَّى الإسم أنساني
الاثنين، 26 أغسطس 2019
الشعر العمودي / بقلم د.غالب القرالة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق