الاثنين، 2 سبتمبر 2019

نبذة حول شعر الزهد .. بقلم الدكتور .. غالب القرالة ..


نبذة حول شعر الزهد
انتشر شعر الزهد في العصر الأندلسي حيث كان هذا اللون أحد الأغراض الشعرية المنتشرة
ويُذكر أنّ ابن أبي زمنين هو أحد الشعراء الذين انتهجوا هذا اللون الشعري في القرن الرابع الهجري وقد كان الشعر الزهدي قليل الورود في الأشعار ولكن مع تقدم الشاعر في العمر ومع ظروف الحياة المتقلّبة أصبح ينظم أشعاراً من الزهد
وشهد القرن الخامس الهجري ظهور عدد غير قليل من الشعراء الذين نظموا الزُهديات وذلك بسبب ظروف ذلك القرن من فوضى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وأصبح الزهد مذهباً أدبياً وأخلاقياً لدى العديد من الشعراء ورأوا في هذا الشعر طريق النجاة والخلاص من الأوضاع الحياتية المتقلّبة.
من شعراء الزهد:
نبغ عدد من الشعراء الذين نظموا شعر الزهد ومنهم ما يأتي:
علي بن إسماعيل القرشي ويُلقّب بالطليطل.
أبو إسحاق الإلبيري.
أبو العتاهية.
من أشعار الزهد :
يهدف شعر الزهد إلى التزهّد في أمور الدنيا والشوق إلى حياة التزهّد الحقيقية ومن ذلك أقوال أبي العتاهية:
رَغِيفُ خُبْزٍ يَابِسٌ تَأْكُلُهُ
فِي زَاوِيَهْ
وَكُوزُ مَاءٍ بَارِدٍ تَشْرَبُهُ
مِنْ صَافِيَهْ
وَغُرْفَةٌ ضَيِّقَةٌ
نَفْسُكَ فِيهَا خَالِيَهْ
أَوْ مَسْجِدٌ بِمَعْزِلٍ عَنِ الوَرَى
خصائص شعر الزهد
يتميّز شعر الزهد بعددٍ من الخصائص ومنها ما يأتي:
سهولة وبساطة الصياغة:
تميّز شعر الزهد ببساطة التراكيب والألفاظ، والابتعاد عن التعقيد.
الخروج عن الأوزان التقليدية الشعرية:
تميز شعر الزهد بالخروج عن الأوزان التقليدية الشعرية والخروج عن قواعد العروض وابتكار أوزان جديدة ويُقال أنّ أبا العتاهية وبشار بن برد هما أول من كسرا قواعد القافية التقليدية.
تكرار أسلوب الخطابة الوعظية:
وذلك من أجل تنبيه المستمع أو زجره أو إبعاده عن الملل .
الإكثار من الأساليب الإنشائية:
خاصةً أسلوب النداء
وأسلوب التعجب
وأسلوب الاستفهام
وأسلوب الأمر
وأسلوب النهي
حيث تتميّز هذه الأساليب بقدرتها على لفت الانتباه وتشويق المستمع .
العقليّة المليئة بالحكمة والطابع الفلسفي :
حيث يتمّ توظيف الحكمة في الشعر المتعلّق بالحياة وأمور الدنيا والأخلاق والناس .
امثلة على شعر الزهد لابو العتاهية :
لعَمْرُكَ ما الدّنيا بدارِ بَقَاءِ
كَفَاكَ بدارِ المَوْتِ دارَ فَنَاءِ
فلا تَعشَقِ الدّنْيا، أُخيَّ، فإنّما
يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَء
حَلاَوَتُهَا ممزَوجَة ٌ بمرارة ٍ
ورَاحتُهَا ممزوجَة ٌ بِعَناءِ
فَلا تَمشِ يَوْماً في ثِيابِ مَخيلَة
فإنَّكَ من طينٍ خلقتَ ومَاءِ
يا طالِبَ الحِكمَةِ مِن أَهلِها
النورُ يَجلو لَونَ ظَلمائِهِ
وَلأَصلُ يَسقي أَبَداً فَرعَهُ
وَتُثمِرُ الأَكمامُ مِن مائِهِ
مَن حَسَدَ الناسَ عَلى مالِهِم
تَحَمَّلَ الهَمَّ بِأَعبائِهِ
وَالدَهرُ رَوّاغٌ بِأَبنائِهِ
يَغُرُّهُم مِنهُ بِحَلوائِهِ
يُلحِقُ آباءً بِأَبنائِهِم
وَيُلحِقُ الإِبنَ بِآبائِهِ
وَالفِعلُ مَنسوبٌ إِلى أَهلِهِ
كَلشَيءِ تَدعوهُ بِأَسمائِهِ
المَرءُ آفَتُهُ هَوى الدُنيا
وَالمَرءُ يَطغى كُلَّما اِستَغنى
إِنّي رَأَيتُ عَواقِبَ الدُنيا
فَتَرَكتُ ما أَهوى لِما أَخشى
فَكَّرتُ في الدُنيا وَجِدَّتِها
فَإِذا جَميعُ جَديدِها يَبلى
وَإِذا جَميعُ أُمورِها عُقَبٌ
بَينَ البَرِيَّةِ قَلَّما تَبقى
وَبَلَوتُ أَكثَرَ أَهلِها فَإِذا
كُلُّ امرِئ في شَأنِهِ يَسعى
د.غالب القرالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق